الجزائر تطور صناعتها العسكرية لخفض نفقات الاستيراد وتحقيق مردود التصدير

اتجهت الجزائر في السنوات الأخيرة نحو تطوير الصناعات العسكرية في إطار سياسية بدأت منذ سنوات قليلة بهدف تقليص النفقات الدفاعية وتلبية حاجات الجيش، ومن ثم إيجاد موطئ قدم لها في الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدُولية.
وخطف الجناح الذي خُصص لوزارة الدفاع الوطني في “معرض الإنتاج الوطني” الذي أقيم في قصر المعارض “صافكس” (الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية) في طبعته الـ 32، أنظار الإعلام المحلي والدولي، إذ تم عرض نماذج عن التصنيع الحربي على غرار سفينة هي قاطرة جر بطول 30 متراً من صنع جزائري تام، انطلاقا من التخطيط والتصميم الى مرحلة البناء، تكفلت بها مختلف القواعد البحرية وقد دخلت أخيراًمرحلة التجريب، وخلال التظاهرة الاقتصادية والتجارية تم عرض بعض أنواع الأسلحة الخفيفة والذخائر التي شُرع في صناعتها خلال تسعينات القرن الماضي، ومنها أيضاً بندقية الصيد التي ستكون متوافرة قريباً في السوق الوطنية.
رفع نسبة الإدماج
ويملك الجيش وحدة صناعية رائدة وطنيا في مجال صناعةالطائرات وصيانتها قامت بصنع نماذج مختلفة على غرار طائرتي “43” ذات الأربعة مقاعد و”فرناس 142″ ذات المقعدين، كما مصنعاً لصناعة العربات العسكرية والمدرعات أقيم بشراكة مع العلامة الألمانية “مرسيدس” يقوم بتصدير إنتاجه حالياً إلى دول الجوار كتونس ومالي والنيجر وموريتانيا، كما تحملك الجزائر مصنعاً خاصاً بالألبسة ولوازم النوم يُعتبر صرحاً من صروح الصناعات العسكرية. ا
والصناعة العسكرية آخذة في الاتساع، إذ بات التصنيع الحربي وتصديره يُمثلان عاملاً مُهماً من عوامل التنمية ومحركاً قوياً للإنعاش الاقتصادي، وأبرز الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال افتتاحه التظاهرة التي أقيمت قبل أسبوع “أهمية التصنيع الحربي كنموذج يجب اتباعه وكرافعة للصناعة الوطنية”، وأكد أن الجيش “حقق مستويات عالية في الصناعة أتمنى أن تصل إليها الشركات الأخرى”، داعيا إلى ضرورة رفع نسبة الإدماج في الصناعة العسكرية إلى 50 أو 60.
ولفت تبون إلى أن “السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، والهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المئة”، مشددا على “ضرورة عدم التفريق بين الشركات التي تتبع للجيش وبين الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ تساهم جميعها في رفع شأن الإنتاج الجزائري”.
خفض النفقات
ويُجمع خبراء تحدثوا إلى”النهار” على رغبة الجزائر في خفض الكُلفة العالية التي تتكبدُها موازنة الدولة على استيراد الأسلحة الجديدة والذخائر، فمثلا كشفت الموازنة العامة للجزائر للعام 2025 عن ارتفاع لافت ومستمر في موازنة الدفاع التي ارتفعت إلى أكثر من 25 مليار دولار أميركي (أكثر من 3349 مليار دينار جزائري) أي بزيادة تعادل ثلاثة مليارات دولار مقارنة بموازنة عام 2024.
ويقول أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة المسيلة

الدكتور عبد الصمد سعودي إن “المتتبع لمعرض الإنتاج الوطني يُلاحظ التطور الذي عرفته الصناعة العسكرية من مختلف المعدات، بخاصة في المجال المدني، مثل انتاج السيارات وآليات الدفع، إذ توفر وبشكل دوري حاجات السوق المحلية من سيارات نفعية وأخرى متعددة المهمات من علامة مرسيدس_ بنز مخصصة لنقل الأفراد والنقل المدرسي وكذا سيارات الإسعاف والإشارة”.
ويؤكد سعودي أن “الحاجات الأمنية المتزايدة للجيش الجزائري استنفدت الكثير من اموال الخزينة العمومية وهو ما جعل القيادة العُليا للبلاد تُفكر في اقتحام مجال الصناعة وحتى التصدير والانتقال من بلد مستورد إلى مُصدر، فالكل يعلم أن الجزائر تُعتبرُ من أهم زبائن السلاح في العالم”، ووفق أحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدُولي لأبحاث السلام، فإن الجزائر تُصنف سادس مستورد للسلاح عبر العالم، لكن اللافت للنظر، بحسب التقرير الذي صدر في نيسان (ابريل) 2023 أن مشتريات السلاح الجزائرية شهدت انخفاضاً كبيراً بنسبة 58 في المئة خلال فترتي الدراسة (2017_ 2013) و (2018 -2022). ومن أسباب هذا التراجع تحول البلاد إلى تصنيع بعض الأنواع من الأسلحة محلياً، لا سيما المدرعات ومختلف العرابات الميكانيكية والأسلحة الخفيفة.
وسيكون لهذا الخيار، وفق سعودي، تداعيات على الاقتصاد المحلي إذ تساهم الصناعة العسكرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وتوفير فرص العمل وتحقيق منتوج وطني تنافسي، فضلاً عن التخلص بصفة تدريجية من التبعية التكنولوجية تجاه الخارج.
تصدير الفائض
وتخطط الجزائر حاليا لتصدير الفائض من إنتاجها العسكري إلى دول إفريقيا، وبالفعل تم في السنوات الأخيرة تصدير بعض المنتجات بشكل خاص إلى مالي والنيجر، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها مدير الصناعات العسكرية في الجزائر اللواء سليم قريد.
وقد برزت أخيراً مُؤشرات جدية توحي بسعي الجزائر إلى تصدير منتجات عسكرية إلى موريتانيا التي وقف مسؤولوها وخلال زيارات ميدانية قاموا بها في السنوات الأخيرة على مراحل التصنيع داخل بعض الوحدات.
وسبق للفريق أول السعيد شنقريحة أن أكد في اجتماعات عدة “أهمية توسيع دائرة اهتمامات الصناعة العسكرية الجزائرية لتشمل، ليس فقط تلبية حاجات الجيش والأسلاك المشتركة والسوق المحلية، بل تتعدى إلى الولوج إلى الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدولية، والتفكير جدياً في تصدير المنتجات العسكرية الجزائرية شرط الحرص على جودتها ومطابقتها المعايير الدولية المعمول بها”.

شاركها.
اترك تعليقاً

العربية
Exit mobile version