الراعي يوجه رسالة الميلاد: لا خلاص للبنان إلاّ بالعودة الى ثقافة الحياد الإيجابي
وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي من كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، رسالة الميلاد بعنوان “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر”، الى اللبنانيين جميعا والمسيحيين خصوصا مقيمين ومنتشرين، في حضور مطارنة الطائفة، والرؤساء العامين والرئيسات العامات للرهبانيات الكاثوليكية، ولفيف من الكهنة والراهبات، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
وبعد الصلاة المشتركة قال البطريرك الراعي في رسالته: “عند مولد يسوع المسيح، مخلّص العالم وفادي الإنسان، أنشد الملائكة على مسمع رعاة بيت لحم: مجد الله في السماء، والسلام على الأرض، والرجاء في الإنسان. هذه معاني عيد الميلاد”.
وأضاف: “السلام عطيّة سماويّة ثمينة، أخذت اسمًا على الأرض هو “المسيح سلامنا” (أفسس 2/ 14). هذا السلام مؤسّس على الحقيقة، ومبنيّ على العدالة، تنعشه المحبّة، وتجسّده الحريّة””.
وقال: “لا خلاص للبنان إلاّ بالعودة الى ثقافة الحياد الإيجابيّ الناشط، الذي يجعل منه ما هو في طبيعة نظامه السياسيّ، فيكون فيه جيش واحد لا جيشان، وسياسة واحدة لا سياستان، ولا يدخل في حروب ونزاعات أو أحلاف، بل يحافظ بقواه الذاتيّة على سيادة أراضيه ويدافع عنها بوجه كل معتدٍ، ولا يتدخّل في شؤون الدول. هذا الحياد يمكّن لبنان من القيام بدوره الفاعل كمكان لقاء وحوار بين الثقافات والأديان، ومدافع عن السلام والتفاهم في المنطقة”.
وتابع: “فلا بدّ من المدرسة الكاثوليكيّة والجامعة ان تربّيا الأجيال الطالعة على ثقافة الحياد الإيجابيّ الناشط والفاعل”.
وأضاف: ” كتب الدكتور ايلي يشوعي بشأن الحياد. فأقتبس منه ما يلي: في الحياد، تعايش الدول الحروب محايدة وتلتزم القرارات الدولية المتعلقة بالمسائل التجارية والمالية والاجتماعية، ولا تشارك في أي عمل عسكريّ، ولا تسمح بمرور القوّات الأجنبيّة او بإعداد عمليّات عسكريّة على أراضيها… يعمل الحياد كمؤسسة استقرار تسمح بالحفاظ على التبادل التجاريّ والعلاقات الماليّة والبشريّة مع مختلف الفرقاء، خلال النزاعات الإقليميّة والعالميّة. وإنّ الالتزام الطويل بالحياد يخلق إرثًا من الاستقرار والصدقيّة يعزّزان ثقة المستثمرين والشركاء التجاريّين. الحياد في السياسة الدوليّة يسمح للدول المحايدة الإفادة اقتصاديًا من البقاء غير منحازة خلال النزاعات. ويمكن للدول الصغيرة كلبنان أن تستغلّ الحياد لتجنّب الضغوط المتعلقة بالانحياز السياسيّ فتتحوّل الى ملاذ آمن لرؤوس الأموال”.
وقال: “ليس الحياد مجرد موقف سياسيّ، بل هو موقف اقتصاديّ يدعم الاستقرار والمرونة الديبلوماسيّة والابتكار الإنتاجيّ والماليّ، ويؤمّن نموّ اقتصاد الدولة المحايدة.
نحن بحاجة الى ثقافة سياسية جديدة قائمة على الكفاية والصدقية والولاء والمحبة والحقوق والقانون والفضيلة. لا يمكن ان نجدها إلاّ في حكم سلطة ذات طابع سياسي – تقني يدركان أهمية الخيارات الخلاصيّة”.
كما شدد: “نتطلّع بثقة وتفاؤل الى التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل، وهو اليوم المحدد لانتخاب رئيس للجمهوريّة بعد فراغ مخزٍ دام سنتين وشهرين، خلافًا للدستور، ومن دون أيّ مبرر لهذا الفراغ، سوى عدم الثقة بالنفس لدى نواب الأمة، بانتظار مجيء الاسم من الخارج. وهذا حيف كبير. فإنّنا نضع حدث انتخاب الرئيس في إطار السنة المقدسّة 2025 التي دعا اليها قداسة البابا فرنسيس ونتمنّاها لكم جميعًا سنة خير وبركات من نعم ميلاد الرب يسوع المسيح. وُلد المسيح، هللويا”.
بعدها تقبل الراعي التهاني بالأعياد المجيدة من الحضور.