بعدما أصبح وقف إطلاق النار مسألة ساعات أو أيام، لا بدّ من التوقّف عند العنوان الأوّل الذي سيحضر بقوّة على أجندة “اليوم التالي” في لبنان: رئاسة الجمهورية.

لكنّ الرئاسة، المقبلة حتماً، تحتاج إلى عنوانين بالتوازي معها: عنوان أمنيّ يتعلّق بالقدرة على ضبط وضع البلد وسط التحدّيات الداخلية المختلفة، وعنوان سياسي متعلّق بمسار الرئيس المقبل في عدّة مواضيع، أبرزها كيفية التعامل مع أزمة النزوح، وما سيوضع على طاولة بعبدا من ملفّات أولى من غيرها في ظلّ الوضع الراهن.

 

أمّا ما يحصل اليوم فهو محاولة بعضِ من في السلطة حفر مصائد، ظنّاً منهم أنّها مفيدة لفرض اختياراتهم وأجنداتهم على الأسرة الدولية .

 

في كواليس القرار الدولي بوقف إطلاق النار في لبنان، مسار وُضع لينتقل عبره لبنان إلى مرحلة مختلفة عن تلك التي بدأت منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005.

 

وفق هذا المسار، سينتقل المشهد السياسي استناداً إلى خريطة تبدأ بوقف إطلاق النار وبفرض الأمن في الجنوب وفي الداخل اللبناني، ثمّ الرئاسة وتشكيل الحكومة وما بعدها من ورشة ستطال كلّ القطاعات في الدولة.

 

لكن بين هذه العناوين ما هو مقلق، لا سيما في المرحلة الأولى التي ستلي الحرب، حيث سيكون الجيش اللبناني حاضراً في المشهدين الأمنيّ والسياسي معاً.

 

نزع الألغام السّياسيّة والأرضيّة

 

في الأمن، سينتشر الجيش اللبناني بعدد من ألويته في المرحلة الأولى. سيبدأ انتشاره من نهر الليطاني باتجاه الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، بشكل تدريجي، تزامناً مع انسحاب الجيش الإسرائيلي. ثمّ سيزداد عديد الجيش مع تنفيذ خطّة التطويع التي ستبدأ بـ1,500 عنصر في ثلاثة أشهر.

أبدت مصادر دبلوماسية تواكب استعداد الجيش للمرحلة المقبلة لـ”أساس” تخوّفها من كمائن بدأ بعضُ من في السلطة يحضّرونها لوضع الجيش اللبناني في مواجهة أهل الجنوب والنازحين عن قراهم.

 

بالنسبة إلى هؤلاء فإنّ حرب 2024 ليست كحرب تموز 2006. حينها عاد أهل الجنوب بجحافل إلى قراهم فور إعلان وقف إطلاق النار. أمّا اليوم فلا عودة قبل أن يمشّط الجيش اللبناني القرى والمناطق في جنوب الليطاني، ويضمن انسحاب إسرائيل مع نزع ما زُرع من ألغام وقنابل، قبل أن يعود أهل الأرض إليها.

تحذّر بعض الأوساط الدولية من هذه المحاولات التي اعتبرتها مكشوفة لدفع النازحين إلى مواجهة جيش بلادهم تحت عنوان “العودة”، ومنعهم من العودة قبل إصدار قرار أمنيّ بها. وذلك في محاولة لزجّ المؤسّسة العسكرية في أزمة تبدأ بالثقة وقد تنتهي بما هو أخطر من ذلك بكثير على مستوى السلم الأهليّ.

 

لذا قرار وقف إطلاق النار ستتبعه بشكل سريع إرشادات أمنيّة لأهل الجنوب حول كيفية التحرّك جنوباً قبل اكتمال العودة بعد انتهاء هدنة الستّين يوماً، على أن تكون هذه العودة تدريجية بحسب القرى وانتشار الجيش فيها.

 

الرّئاسة وإعادة الإعمار

 

في الجدول الزمني للخريطة الدولية، انتخاب رئيس الجمهورية هو العنوان الثاني بعد العنوان الأمنيّ. وأوّل المرشّحين الذين يحظون بدعم خارجي يأتي قائد الجيش العماد جوزف عون.

بناءً عليه، تتعامل المصادر الدبلوماسية مع القوى الداخلية في الملفّ الرئاسي بحذر شديد، لا سيما مع اقتناعها بأنّ كلّ القوى مدعوّة إلى إبداء حرصها على وحدة المؤسّسة العسكرية وعدم زجّها بصراعات الداخل حرصاً عليها وعلى البلد، وذلك بغضّ النظر عن موقفهم من رئاسة قائدها. لذلك تتابع المصادر بالقول إنّ محاولة زجّ المؤسّسة في صراع داخلي لإحراق قائدها رئاسياً لن تمرّ مرور الكرام على البلد ولا على من يحاول اللعب بأمنه.

 

أمّا وقف الحرب فلا ينقصه سوى توقيت رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو المنتظر في الساعات أو الأيام المقبلة. في حين ينقل زوّار عين التينة أنّ “القصّة خلصت” والإعلان خلال أيام، “وبكرا بدوب الثلج وببيّن المرج”.

 

شاركها.
اترك تعليقاً

العربية
Exit mobile version