رحب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، مساء الثلاثاء، باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مطالبا الأخيرة بالالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والانسحاب من كل المواقع اللبنانية التي تحتلها.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه معه الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد كلمة للأخير أعلن خلالها موافقة الطرفين اللبناني والإسرائيلي على الاتفاق، الذي يدخل حيز التنفيذ عند الساعة عن الساعة 2:00 ت.غ من فجر الأربعاء.
وحسب وكالة الأنباء اللبنانية، شكر ميقاتي الرئيس بايدن “على الدعم الأمريكي للبنان والمساعي التي قام بها موفده آموس هوكشتاين للتوصل إلى وقف إطلاق النار”.
وعبّر رئيس الحكومة اللبنانية، وفق المصدر ذاته، عن “ترحيبه بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، والذي ساهمت بترتيبه مشكورة الولايات المتحدة وفرنسا”.
وقال إن “هذا التفاهم الذي رسم خارطة الطريق لوقف النار، اطلعت عليه مساء اليوم، وهو خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان وعودة النازحين إلى قرارهم ومدنهم. كما إنه يساعد على ارساء الاستقرار الإقليمي”.
وأضاف: “أُقدّر المساعي المشتركة للولايات المتحدة وفرنسا للتوصل الى هذا التفاهم”.
وجدد التأكيد على “التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان”، داعيا “دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد”.
وطالب ميقاتي في المقابل بـ”التزام العدو الاسرائيلي بشكل كامل بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي يحتلها (في لبنان)، والالتزام بالقرار 1701 كاملا” .
ويدعو القرار 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، آنذاك، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل”.
وحتى الساعة 21:45 ت.غ، لم يصدر إعلان من “حزب الله” بشأن الاتفاق، فيما تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان طيلة ساعات اليوم بشكل كبير، بما شمل ضربات مكثفة على بيروت وضاحيتها الجنوبية، ومناطق واسعة شرقي وجنوبي البلاد؛ ما أدى إلى مقتل وإصابات العشرات.
وردا على ذلك، صعد “حزب الله” من رده عبر استهداف أهداف عسكرية ومستوطنات بالشمال.
إسرائلييا، أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان، في وقت سابق اليوم، أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) وافق، مساء الثلاثاء، على اتفاق مع لبنان لوقف إطلاق النار بأغلبية 10 وزراء مقابل معارضة وزير واحد.
من جانبها، قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، إن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هو الوزير الوحيد في الكابينت الذي صوت ضد وقف إطلاق النار.
كذلك، أعلن الرئيس بايدن في تصريح للإعلام: “سيدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الرابعة صباحا، وخلال الستين يوما القادمة ستسحب إسرائيل قواتها من لبنان”، وفق إذاعة الجيش الإسرائيلي.
وأضاف: “القوات العسكرية والأمنية اللبنانية ستنتشر وتتولى السيطرة على جنوب لبنان خلال 60 يوما وإسرائيل ستسحب قواتها من المنطقة تدريجيا”.
كما صدر بيان مشترك من الرئيس بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاء فيه: “اليوم، وبعد أسابيع عديدة من الدبلوماسية الدؤوبة، وافقت إسرائيل ولبنان على وقف الأعمال العدائية بينهما”.
وقال البيان: “سيؤدي هذا الإعلان إلى وقف القتال في لبنان وضمان حماية إسرائيل من تهديد حزب الله”.
وأضاف: “كما سيُهيئ هذا الإعلان الظروف اللازمة لاستعادة الهدوء الدائم، مما يتيح لسكان كلا البلدين العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق”.
وأوضح البيان أن “الولايات المتحدة وفرنسا ستعملان مع إسرائيل ولبنان لضمان تنفيذ هذا الترتيب بالكامل وتطبيقه بشكل فعال، مع التزامهما بمنع تحول هذا النزاع إلى دورة جديدة من العنف”.
كما تعهدت الولايات المتحدة وفرنسا أيضا بـ”قيادة ودعم الجهود الدولية لتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة”.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، أبرزها “حزب الله”، بدأت غداة شن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 149 ألف فلسطيني، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و823 قتيلا و15 ألفا و859 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الثلاثاء.
ويوميا يرد “حزب الله” بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار مخابراتية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين