– يترقب العالم سياسات واشنطن تجاه قضية فلسطين مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الحكم وسط توقعات بإعادة إحياء مخطط “صفقة القرن” التي أعلن عنها عام 2020
– يرى البعض أن ترامب يهدف من خطته إلى إقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن، وإنهاء فكرة حل الدولتين على حساب المملكة
– ملك الأردن عبد الله الثاني أكد سابقا استحالة التنازل عن القدس ورفضه لفكرة الوطن البديل
-أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك محمد بني سلامة: مع عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة يواجه الأردن تحديات جدية تتعلق بإمكانية إعادة إحياء “صفقة القرن”
– محمد المومني، وزير الاتصال الحكومي الأردني: الأردن يتعامل مع القضايا والأزمات من منطلق الحفاظ على مصالح الدولة العليا وبما لا يسمح المساس بسيادتها ومبادئها
مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى زعامة البيت الأبيض، يترقب العالم سياسات واشنطن المحتملة تجاه أهم وأبرز القضايا والأزمات الدولية، وفي مقدمتها فلسطين، مع توقعات بإعادة إحياء فكرة ومخطط “صفقة القرن” التي أعلن عنها عام 2020.
ورأى البعض حينها أن ترامب يهدف من خطته إلى إقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن، وإنهاء فكرة حل الدولتين على حساب المملكة، وتحقيقا لإقامة “دولة إسرائيل الواحدة” أو “الكبرى”، كما يسمونها.
وفي أعقاب ذلك، خرج الملك الأردني عبد الله الثاني بتصريحه: “أنا كهاشمي كيف أتراجع عن القدس؟! مستحيل. خط أحمر. كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين”.
إسرائيل من جهتها لا تخفِ نواياها تجاه تنفيذ مخطط ترامب، وقد تعالت أصوات اليمين المتطرف بقوة بعد الإعلان عن فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية تجاه ذلك.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تعهد خلال كلمة ألقاها لتهنئة ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، خلال ترأسه لاجتماع حزب “الصهيونية الدينية” في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بأن يكون “2025 عام السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.
وهذا يعني ضمنا أن إسرائيل تستند إلى ترامب في ذلك، وبالتالي فإن مسألة التهجير من الضفة الغربية، والتي اعتبرتها عمان في أكثر من تصريح رسمي بمثابة “إعلان حرب”، ستكون خطوة محتملة لتحقيق ذلك.
لكن المتابع لخطاب عاهل الأردن في افتتاح البرلمان، الاثنين الماضي، يدرك أن المملكة متيقظة لتلك المخططات، حيث كان حديثه بمثابة رسالة واضحة وصريحة برفض أي إجراءات محتملة.
وقال الملك عبد الله: “نحن دولة راسخة الهوية، لا تغامر في مستقبلها وتحافظ على إرثها الهاشمي وانتمائها العربي والإنساني، فمستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه”.
لكن يبقى التساؤل الأهم والأبرز في كيفية مواجهة الأردن للصفقة، خاصة وسط تصريحات سابقة لترامب، خلال أحد مؤتمراته الانتخابية في أغسطس/ آب الماضي، عندما قال: “إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها”.
**خطوات لمواجهة التحديات
محمد بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، قال في حديثه للأناضول: “مع عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، يواجه الأردن تحديات جدية تتعلق بإمكانية إعادة إحياء “صفقة القرن، التي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، من خلال تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى المملكة لتحقيق مفهوم إسرائيل الكبرى”.
وطرح بني سلامة مجموعة من الخطوات التي يمكن لبلاده اتباعها لمواجهة هذه التحديات، وأولها “إعادة تقييم التحالفات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال تعزيز العلاقات مع الدول التي تدعم حل الدولتين وتؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، والعمل على بناء تحالفات جديدة تضمن حماية المصالح الوطنية الأردنية”.
ودعا في الخطوة الثانية إلى “تعزيز الجبهة الداخلية، عبر توحيد الصف الوطني من خلال تشكيل حكومة تعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وتلبية تطلعات الشعب، مما يقوي الموقف الأردني في مواجهة الضغوط الخارجية”.
أما “الاعتماد على الشعب كحصن أساسي”، فهي الخطوة الثالثة، وفق بني سلامة؛ إذ طالب بضرورة “الاستماع إلى نبض الشارع الأردني وتلبية احتياجاته، حيث يشكل الشعب الأردني الدرع الأقوى في مواجهة أي تهديدات تمس سيادة الوطن”.
وفيما يتعلق بعودة الخطة مع رجوع ترامب، قال الأكاديمي الأردني: “بالنظر إلى تصريحات ترامب السابقة حول ضرورة توسيع مساحة إسرائيل، واختياره لفريق يضم شخصيات يؤمنون بسيادة إسرائيل الكاملة وينكرون وجود الضفة الغربية ككيان مستقل، فإن هناك احتمالية كبيرة لإعادة طرح صفقة القرن أو خطط مشابهة”.
وعن الآثار المحتملة للخطة على بلاده مع ربطها بتصريحات سموترتيتش بخصوص فرض السيادة على الضفة الغربية عام 2025، أكد بني سلامة على أن حديث الوزير الإسرائيلي يشكل “تهديد مباشر للأردن”.
وفي السياق ذاته، رأى أنها ستؤدي إلى “زيادة الضغوط السياسية والأمنية، فقد يجد الأردن نفسه أمام تحديات أمنية جديدة نتيجة لتغير الواقع الجغرافي والسياسي على حدوده الغربية”.
كما بين بأنها ستؤدي إلى “تداعيات اقتصادية واجتماعية، ففي حال تنفيذ خطط التهجير، قد يواجه الأردن ضغوطًا اقتصادية واجتماعية نتيجة لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين”.
وفي ختام حديثه، دعا بني سلامة الأردن إلى “التحرك بحكمة وحزم، مستندًا إلى وحدة شعبه وقوة مؤسساته، لضمان حماية مصالحه الوطنية والحفاظ على استقراره وسيادته”.
**الحفاظ على مصالح الدولة العليا
من جهته، شدد محمد المومني، وزير الاتصال الحكومي، متحدث الحكومة الأردنية، على أن “المملكة دولة راسخة كما قال جلالة الملك، لذا فالأردن بقيادته يتعامل مع القضايا والأزمات من منطلق الحفاظ على مصالح الدولة العليا، وبما لا يسمح المساس بسيادتها ومبادئها”.
وأضاف أن “القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى، والأردن معروف بمواقفه الصلبة تجاهها، وهي محور الحديث الأول للملك عبد الله في جميع اللقاءات والمحافل الدولية”.
وتابع المومني، أن “إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، هو أساس السلام والاستقرار”.
وأشار إلى أن رؤية الملك عبد الله في مسألة تحقيق السلام العادل والشامل واضحة للجميع.
ولفت إلى أن الملك عبد الله الثاني أكد خلال خطبة العرش الأسبوع الماضي، في رسالة وصلت للجميع، أن “مستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه”.