ذكر تقرير لصحيفة “The Spectator” البريطانية أن “الأمور أصبحت أكثر تعقيداً في الأيام الأخيرة عندما يتعلق الأمر باختيار جانب في

الشرق الأوسط استناداً إلى القيم الأخلاقية. ومع اندلاع المعارك فجأة في سوريا، سوف يواجه الغرب مهمة أكثر صعوبة في تحديد من هم “الأشخاص الصالحين أخلاقياً”. في الأسبوع الماضي، شنت جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة تسمى هيئة تحرير الشام ومقرها محافظة إدلب شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، هجومًا على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وسيطرت عليها بسرعة. وتتجه هيئة تحرير الشام وحلفاؤها الجهاديون، الذين يُزعم أنهم ممولون من تركيا، الآن جنوبًا، وتم قطع الطريق السريع الرئيسي M5 بين حلب ودمشق، وتقاتل هيئة تحرير الشام كلا من الجيش السوري وحلفائه من الفصائل الإيرانية”.

وبحسب الصحيفة، “رغم أن الهدف الأساسي لهيئة تحرير الشام هو “تحرير” بلاد الشام، فقد تم التلميح إلى أهداف أعلى. فقد صرح زعيمهم أبو محمد الجولاني في وقت سابق بأننا “لن نصل إلى دمشق فحسب، بل إن القدس ستكون في انتظار وصولنا بإذن الله”، ويقال إن هيئة تحرير الشام تستضيف إرهابيين دوليين، ولا يهدد ظهورهم العدواني المفاجئ الرئيس السوري بشار الأسد فحسب، بل يهدد إيران أيضًا. والأمر الحاسم هو أن الطريق السريع M5 في سوريا هو طريق إمداد لحلفاء إيران في حزب الله في جنوب لبنان. إذن، أي جانب ينبغي للغرب أن يقف معه؟ هل ينبغي لنا أن ندعم جهاديي هيئة تحرير الشام ضد الدكتاتورية الوحشية للرئيس الأسد؟ أم ينبغي لنا أن ندعم الرئيس الأسد ضد الجهاديين الوحشيين؟ وهنا نعود إلى القضية الشائكة المتمثلة في “الأخلاق” في الجغرافيا السياسية”.

 

وتابعت الصحيفة، “لقد أصبحت العلاقات بين الغرب وسوريا أكثر برودة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، ثم بعد ذلك الربيع العربي. وبدعم من الرئيس باراك أوباما، أصبحت الإطاحة الكارثية للطغاة في الشرق الأوسط واضحة عندما أطيح بالرئيس حسني مبارك في مصر. وفي الوقت نفسه، اندلعت في سوريا حرب أهلية بقيادة الجيش السوري الحر “المؤيد للديمقراطية” للإطاحة بالأسد. وقد أدت هذه الحرب إلى حملة قمع وحشية شنها الرئيس أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 500 ألف شخص”.

وأضافت الصحيفة، “على غرار أوباما، اتخذ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون موقفاً أخلاقياً ضد الرئيس الأسد، فحذر قائلاً: “أريد أن أوجه رسالة واضحة للغاية إلى الرئيس الأسد مفادها أن لا شيء مستحيل”. وفي حزيران 2013، أطلق كاميرون، بعد أن سئم من تردد مجموعة الثماني في التعامل مع سوريا، محاولة لتدبير انقلاب ضد الأسد. وكانت الخطة قائمة على وهم مفاده أن الجيش السوري الحر يتمتع بالكفاءة وهو الحصان الأبيض للديمقراطية”.

وبحسب الصحيفة، “لقد كان هذا وهماً واضحاً. وكما تجلى في الدول غير الديمقراطية مثل كوريا الجنوبية وتايوان وإندونيسيا في أعقاب حرب المحيط الهادئ، فإن الديمقراطية تنشأ بفضل التنمية الاقتصادية القائمة على السوق الحرة، ورعاية حقوق الملكية، والتطور التدريجي للمؤسسات الديمقراطية فضلاً عن المعايير الثقافية، مثل حرية التعبير. إن فرض الديمقراطية على البلدان الفقيرة نسبياً، وخاصة تلك التي تتبنى ثقافة إسلامية، لم ينجح قط.كان هناك شكلان للحكم متاحان للشرق الأوسط في وقت الربيع العربي: الدكتاتورية الجهادية أو الدكتاتورية العسكرية العلمانية،وهو نفس الخيار الجيوسياسي الذي يواجه الغرب اليوم. اختر ما تريد. والواقع أن الخيار الجيوسياسي ليس خالياً من التعقيد، ولكن الاختيار في نهاية المطاف واضح. فربما تكون

 

سوريا خصماً لإسرائيل، ولكن جماعة جهادية تابعة لتنظيم القاعدة تشكل خطراً أعظم على مصالح ليس فقط إسرائيل بل والغرب عموماً”.

وتابعت الصحيفة، “إن حكومة الأسد لا تدعم الإرهاب الدولي والجهاد العالمي على غرار تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، وحزب الله، وحماس. والواقع أن آل الأسد يعارضون هذه الجماعات بشدة كما يعارضها الغرب”

شاركها.
اترك تعليقاً

arالعربية