بين حذر وأمل، بدأ وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وسط مخاوف من عدم صموده لفترة طويلة، في وقت لا يزال فيه الجيش الإسرائيلي موجودا في بعض المناطق بجنوب لبنان.

 

وعقب 66 يوماً من معارك شرسة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، أدت جهود دولية قادتها واشنطن إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل ودخل حيز التنفيذ عند الساعة الرابعة من فجر الأربعاء بتوقيت البلدين.

 

وجاء إعلان التوصل الى اتفاق على لسان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث قال في خطاب ألقاه في البيت الأبيض إن هذه الهدنة مدّتها 60 يوما وتهدف لأن تكون دائمة.

 

وأضاف بايدن: “على مدى الستين يوما المقبلة، سينتشر الجيش اللبناني والقوات الأمنية الحكومية وسيسيطران على أراضيها مرة أخرى (…) ولن يُسمح بإعادة بناء البنى التحتية الإرهابية لحزب الله في جنوب لبنان” على حد قوله.

 

وبينما قال المحلل السياسي اللبناني توفيق شومان، للأناضول، إن الاتفاق لا يرقى لمستوى وقف كامل لإطلاق النار، مؤكدا ضرورة الحذر حتى لا تقود أي خروقات لاشتعال المواجهات مجددا، ذكر المحلل السياسي اللبناني طوني بولس، للأناضول، أن الاتفاق سيصمد نظرا للأطراف الضامنة والتوازنات الجديدة بالمنطقة.

 

حذر مطلوب

شومان، قال إن “الاتفاق ينص على وقف الأعمال العدائية وليس وقفاً تاماً لإطلاق النار”.

 

وأشار الى أن “الاتفاق يستحضر القرار 1701 مع بعض الإضافات عليه أبرزها تفعيل لجنة رقابية من 5 جهات دولية لمراقبة تطبيقه”.

 

وفي أغسطس/ آب 2006، صدر عن مجلس الأمن الدولي القرار 1701 عقب حرب استمرت 33 يوماً بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، ودعا إلى وقف تام وفوري للأعمال القتالية.

 

ومن بين بنود القرار، بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع أراضيها وممارسة سيادتها، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة، ومطالبتها وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “اليونيفيل” بنشر قواتهما في مناطق الجنوب.

 

لكن شومان، أوضح أن “وقف الأعمال العدائية لا يعني أن الاتفاق عبارة عن هدنة موقتة، فبعد حرب تموز 2006، استمر الهدوء على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية 18 عاماً بموجب اتفاق 1701 الذي صدر عن مجلس الأمن حينها”.

 

واعتبر أن “الاتفاق الذي جرى بين لبنان وإسرائيل يمكن إدراجه في إطار وقف النار لمدة طويلة دون أن يرقى إلى مستوى وقف كامل للحرب”.

 

وأوضح أن “الحذر مطلوب لأن أي خرق يمكن أن يشعل المواجهات مجدداً”.

 

وتحدث شومان عن 3 مراحل أساسية للاتفاق الحالي، الأولى: وقف الأعمال العدائية. والثانية: انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى حدود “الخط الازرق” الفاصل بين حدود البلدين. والثالثة: تثبيت الحدود البرية الجنوبية للبنان المتنازع عليها مع إسرائيل.

 

الاتفاق المؤلف من 13 بنداً ينص في أحد بنوده على أن “حكومة لبنان ستمنع حزب الله وجميع الجماعات المسلحة من تنفيذ أي عمليات ضد إسرائيل، ولن تقوم إسرائيل بأي عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف لبنانية”.

 

ترتيبات جديدة

في المقابل، رأى المحلل طوني بولس، أن “الاتفاق بين لبنان وإسرائيل سيكون طويل الأمد لأن دول كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة ستكون ضامنة له ولتطبيقه في ظل توازنات جديدة في المنطقة”.

 

وفي حديثه للأناضول، لفت بولس، إلى أن “الاتفاق يناسب إسرائيل لأنها حصّلت كل الضمانات لتأمين استقرار دائم عند حدودها الشمالية، وفي والوقت ذاته فإن حزب الله كان مضطراً إلى الاتفاق لتخفيف خسائره”.

 

وأوضح أن “هذا الواقع يأتي في ظل الضغوط على إيران قبيل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم، كما أن طهران تعلم أن أي تغيير بقواعد اللعبة الجديدة سيكلفها ثمنا باهظاً سواء لدى نفوذها في المنطقة أو لها بشكل مباشر”.

 

وأشار بولس، إلى أن “الاتفاق يأتي أيضا ضمن ترتيب إقليمي جديد يقلص دور إيران فيه، كما أن هناك ترتيبات داخلية ستنفذ في لبنان لانتخاب رئيس جمهورية يكون ضامنا لتطبيق الاتفاق وعدم الإخلال به لاحقاً”.

 

وعلى خلفية الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اندلعت مواجهات محدودة بعدها بيوم بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، إلا إن تل أبيب شنت عدوانا واسعاً على لبنان في 23 سبتمبر / أيلول الماضي.

 

وفي 30 سبتمبر الماضي بدأ الجيش الإسرائيلي توغلاً برياً في جنوب لبنان تمكن خلاله من الدخول الى عدد من البلدات، بينما كان “حزب الله” يرد بإطلاق الصواريخ والمسيرات على تجمعات الجنود  ومدن إسرائيلية لا سيما نهاريا وحيفا وتل أبيب.

الصندوق الاسود

شاركها.
اترك تعليقاً

arالعربية